قامت السلطات الصينية في أواسط العام
الماضي بتنفيذ حملة عامة في منطقة خوتان
بتركستان الشرقية، وذلك تحت شعار "اضرب
بقوة الانفصاليين والعناصر الدينية غير
المشروعة" مما أدى إلى زعزعة الاستقرار
السياسي والأمني في تركستان الشرقية
عامة ومنطقة خوتان خاصة حيث لقي المئات
من الايغور الأبرياء مصرعهم واعتقل
الآلاف منهم خلال فترة أكثر من عام
واحد. وتشير الأنباء الواردة من منطقة
خوتان إلى أن السلطات وبدلا من إعادة
الهدوء تقوم وتحت شعار "تشديد سياسة
تحديد النسل" بإثارة التوتر من جديد في
المنطقة.
وقد حصل مركز تركستان الشرقية للمعلومات
على النص الكامل لقرار "تشديد سياسة
تحديد النسل" الذي صدر عن كل من الحزب
الشيوعي والمحكمة الإدارية في ولاية
خوتان بتاريخ 8 /5 من هذا العام. ويظهر
من القرار أن السلطات بدأت في تطبيق
حملة "اضرب بقوة المعارضين لسياسة تحديد
النسل" ولذلك أرسلت مخبرين وكوادر
حكومية إلى القرى والأرياف لمراقبة
المنتهكين لتلك السياسة.
وجاء في البند الأول من القرار "أنه
نتيجة للسعي والنشاط الدؤوب من قبل
مختلف الكوادر الحزبية في ولاية خوتان
منذ أن صدر مرسوم عن "حكومة الشعب في
سنجيانغ"عام 1988م بشأن تطبيق سياسة
تحديد النسل على الأقليات و "خطة تحديد
النسل في منطقة سنجيانغ ذات الحكم
الذاتي" فقد تم إحراز تقدم كبير في
تنفيذ خطة تحديد النسل وإيقاف النمو
المتزايد في عدد السكان في الولاية ،
ولكن استدرك البيان قائلا: "بسبب نظام
الإنجاب التقليدي السائد تشكلت حالة من
كثافة السكان وقلة الوفيات، وسرعة النمو
في نسبة الولادة. ونسبة السكان تزيد
بكثرة، وقد أصبحت القضية خطيرة".ويلفت
الانتباه هنا إشارة البيان إلى قلة
الوفيات كعائق أمام تحديد نسبة السكان
في منطقة خوتان.
كما جاء في البيان أن المسائل التي
تعترض طريق خطة تحديد النسل يتلخص في
خمسة نقاط وهي:
أولا: عدم إعطاء القيادات المحلية في
القرى والأرياف الأولوية اللازمة لخطة
تحديد النسل، وتحايلهم على الحكومة يجعل
من السيطرة على الولادات التي تتم خارج
خطة تحديد النسل أمرا مستحيلا.
ثانيا: عدم الاستقرار في وجود القيادات
الفنية في "مكاتب تنفيذ خطة تحديد
النسل" في القرى والأرياف، كما أن
الوسائل غير متوافرة، ولم يتم تحقيق
وجود دوريات تحديد النسل في القرى،
ومعظم الموظفين مستواهم ليس عاليا وهم
يحولون دون تحقيق خطة تحديد النسل".
ثالثا: لم يتم تنفيذ عمليات منع الحمل
بشكل تام، ولم يتحقق بعد عملية مراقبة
الولادات.
رابعا: الإحصائيات بشأن تحديد النسل
ليست صحيحة حيث تنتشر ظاهرة إخفاء
الحقيقة والتضليل بشكل كبير. كما أن
الولادات خارج النطاق المسموح بها
منتشرة بشكل كبير والعقوبات عليها ليست
رادعة.
خامسا: يوجد خلل كبير في عملية الإشراف
على تحديد النسل، والجهات المعنية لم
تستطع إيجاد حل منظم لمشكلة تحديد
النسل، وعمليات تدخل العناصر الدينية في
خدمات تحديد النسل خطيرة بحيث تؤثر
تأثيرا مباشرا وكبيرا على عملية تحديد
النسل.
ويوضح البيان السابق الذي صدر عن كل من
الحزب الشيوعي والمحكمة الإدارية في
خوتان أن الأهالي وحتى كوادر القرى
بدءوا إبداء معارضتهم لسياسة تحديد
النسل بشتى الوسائل.
ومن المعروف أن السلطات الصينية تقوم
خلال عملية تحديد النسل بممارسة شتى
الوسائل الوحشية، وبسبب سوء الوسائل
الطبية والوضع تموت كثير من الأمهات
خلال عمليات الإجهاض الإجبارية.
وحسب ما ذكرته سيدة أيغورية وصلت إلى
ألمانيا في شهر يونيو حزيران من هذا
العام وطلبت اللجوء السياسي فيها فقد
اقتادتها السلطات الصينية إلى المستشفي
بالقوة بسبب حملها سرا وأجرت لها عملية
إجهاض حيث تم إسقاط جنينها الذي مضى
عليه 6 أشهر. كما تم إجراء عملية إجهاض
لثلاث سيدات معها في نفس اليوم حيث
توفيت سيدة بسبب سوء الوضع والمعاملة
السيئة من قبل الأطباء، وأيضا عانت بقية
السيدات اللاتي أجريت لهن العملية من
سوء الصحة والمرض لمدة طويلة.
ويثبت بيان السلطات السابق الذي يقول أن
الوسائل والأوضاع الطبية ليست جيدة
والأطباء ليسوا على المستوى اللائق أنه
ليست للايغور أية قيمة إنسانية وأن
السلطات الصينية لا تتوانى عن التلاعب
بحياة النساء الأيغوريات لتحقيق هدفها
السياسي.
وأعلن في البيان أنه لحل مشكلة الولادة
وتحسين عملية تحديد النسل الجارية في
ولاية خوتان تم اتخاذ 9 قرارات وهي
كالتالي:
أولا: تعزيز قيادة حملة تحديد النسل
القيادات المحلية مسؤولة عن حملة تحديد
النسل وعليها أن تشرف بالذات على أقسام
وفروع مراكز تحديد النسل وعقد اجتماع
خاص كل سنة مرتين على الأقل لتقييم
النتائج، وبالإضافة إلى ذلك ينبغي على
الكوادر من الصنف الثالث الاهتمام
بالحملة وبذلك يمكن زيادة المسؤولية
الذاتية تجاه الحملة.
ومما يثير الانتباه هنا أن تقريرا لوانغ
لوجين سكرتير الحزب الشيوعي في خوتان في
شهر يناير وبيانا لإدارة الإحصائيات في
الولاية في 16 مايو من هذا العام قد
أشارا إلى أن الإنتاج الزراعي في
الولاية قد تراجع بالمقارنة عن العام
الماضي كما شوهد انخفاض في المبالغ
الحكومية المخصصة للإنتاج العام في
الولاية حيث بلغ الدخل السنوي المتوسط
للفلاحين 723 ين مما يعني تراجعا عن
العام الماضي بنسبة 14.99، كما أضيف:
"أنه ينبغي على كافة الجهات الحزبية
والحكومية إعداد العدة من أجل تطوير
اقتصاد خوتان بشكل عاجل.
وكان وانغ ليكوان سكرتير الحزب الشيوعي
في تركستان الشرقية قد أكد في خطاب له
في خوتان في عام 1999م "أن كافة الجهات
الحكومية سوف تعمل من أجل تطوير اقتصاد
خوتان بشكل عاجل وجلب "السعادة إلى شعب
خوتان" إلا أنه وعلى عكس ذلك أكد بيان
الحزب والمحكمة الإدارية أن السلطات سوف
تعمل بكافة أقسامها من أجل تنفيذ خطة
تحديد النسل. ونحن نتساءل: إذا قامت
كافة الجهات الحكومية بالعمل من أجل
تنفيذ خطة تحديد النسل فمن يعمل من أجل
تطوير الإنتاج في منطقة خوتان؟ وهذه
التناقضات تثبت لنا أن السلطات الشيوعية
كاذبة وأنها لم تخطر ببالها في وقت من
الأوقات تطوير ورفع مستوى معيشة شعبنا
الذي يعاني الفقر والجوع.
ثانيا: إعادة فحص المواليد بين عام 1999
وشهر نيسان
–
إبريل عام 2000م.
جاء في المادة الثانية من القرار "أنه
ينبغي القيام بحملة إعادة فحص عام
للمواليد بين عام 1999م وشهر إبريل عام
2000م في كافة القرى والأرياف وإتمام
الحملة حتى 31 / 8 / عام 2000م. كما
ينبغي فرض عقوبة شديدة على من يضلل
السلطات ويقدم معلومات خاطئة بشأن
المواليد".
وأيضا جاء في المادة تفصيل بشأن
العقوبات التي تنتظر من يتهاون في إجراء
حملة تحديد النسل من الكوادر الحكومية
حيث أنه واعتبارا من عام 2000م يلقى
بالمسؤولية على القيادات المحلية في
القرى والأرياف بشأن وقائع المواليد
خارج النطاق المسموح بها. وسوف يتم خصم
10 أيام من المرتب الشهري منهم إن حدثت
واقعة ولادة واحدة غير مسموحة بها، كما
سوف يتم تشهير المسؤولين بأسمائهم في
الصحف والتلفزيون إن حدثت واقعتي ولادة
غير مسموحتان بهما، ويتم إقصاء الكوادر
الذين يعطون معلومات خاطئة بشأن
المواليد عن وظائفهم الحزبية والحكومية،
وقد يحال أمرهم إلى الدوائر الأمنية
للبت فيه.
وجاء في البند الأخير من المادة :
"الشخصيات الدينية وظائفها الأساسية
تقديم الدعم لسياسة تحديد النسل، ولذا
ينبغي توقيع أقصى العقوبات بحق العلماء
الذين يعترضون على تلك السياسة".
والذي يثير الانتباه في المادة أن
السلطات الصينية ترغم القيادات والكوادر
القروية على إجراء سياسة تحديد النسل
وذلك عن طريق القيام بتهديدهم بإقصائهم
عن وظائفهم وتوقيع أقصى العقوبات عليهم
في حال عدم رضوخهم لضغوطها. ومن المعروف
أنه بسبب تلك الضغوط الصينية تشتد
مواقف الكوادر القروية المسؤولة عن
تنفيذ سياسة تحديد النسل، وذلك أنه
باستثناء بعض العملاء الذين يضحون
بأنفسهم لإظهار ولاءهم للحزب الشيوعي
فان معظم الكوادر يقومون بذلك خشية
فقدان وظائفهم. وأصبح ضرب وحبس الأشخاص
بذريعة الاعتراض على سياسة تحديد النسل
ظاهرة عامة في كثير من المدن والقرى.
وتزيد هذه العمليات المنافية لحقوق
الإنسان من مشاعر الغضب والعداء الذي
يكنها الأهالي ضد مراكز تحديد النسل
والقائمين علي تنفيذها.
ولهذا السبب ومنذ بدء تطبيق سياسة تحديد
النسل في تركستان الشرقية عام 1988م
تزداد يوما بعد يوم عمليات الانتقام
الذي ينفذها الأهالي أو المجاهدون ضد
مراكز تحديد النسل والقائمين عليها.
فعلى سبيل المثال: وحسب ما ذكره شخص
ايغوري وصل إلي ألمانيا قبل فترة وطلب
حق اللجوء السياسي إليها ويدعي عمر جان
(هو من أعضاء حزب الإصلاح الإسلامي
السري في تركستان الشرقية) فقد قامت
قوات المجاهدين التابعة لحزبه في مدينة
آقسو في الساعة العاشرة صباح يوم 18 / 7
/ 1994م بتفجير كل من مقر تحديد النسل
في بلدة توقسو وجسر طاشيول الواقع بين
كاشغر واورومجي ومبني محكمة التفتيش
بولابة آقسو في آن واحد، وذلك للانتقام
من العمليات الهمجية الذي قام بها مركز
تحديد النسل في مدينة آقسو أثناء إجرائه
لسياسة تحديد النسل.
وكان سبب الواقعة ما يلي: اختارت
السلطات الصينية بلدة توقسو التابعة
لولاية آقسو كمركز لتجربة سياسة تحديد
النسل في عام 1994م، وبدأت كوادر المركز
عملية " فحص حالات الحمل غير
القانونية" في 15/ 2/ عام 1994م في قرية
"خلق طام" بالبلدة، وأثناء عملية الفحص
تم اكتشاف سيدة ايغورية مضى على حملها
"غير القانوني" 9 أشهر وتدعي جولفيام.
وطلبت مديرة المركز خلجام سديق من هاشم
زوج السيدة دفع ثلاثة آلاف ين غرامة
مالية وإسقاط الجنين الذي مضى عليه 9
أشهر، وعندما قال هاشم أنه لايقدر على
دفع الغرامة قام عملاء المركز بإرغامه
على بيع بقر وحمار كان يستعملهما في
الزراعة وقمحه الذي هو قوته، وهرب هاشم
من القرية تاركا عائلته وأخذ أفراد
المركز زوجته جولفيام إلى المستشفي
لإسقاط جنينها ولكنها تمكنت من الهرب
قبل إجراء العملية ولجأت إلى إحدى
المقابر وولدت هناك بنفسها وتمكنت من
المحافظة على ولدها حيا إلا أن الدوائر
الأمنية التي كانت تبحث عنها وصلت إلى
المقبرة وأخذتها إلى مركز تحديد النسل
حيث قتلت خلجام سديق مديرة المركز
الجنين خنقا أمام أعين أمه، وأصيبت الأم
بمرض من جراء ذلك وتوفيت بعد فترة
قصيرة. وأثارت هذه الحادثة مشاعر الغضب
والانتقام الذي يكنها الأهالي ضد
السلطات الصينية ومراكز تحديد النسل،
ونتيجة لذلك قامت مجموعة من المجاهدين
في 18 / 7/ 1994م بتفجير مقر تحديد
النسل بالقنبلة.
ثالثا: زيادة عدد كوادر تنفيذ تحديد
النسل
وجاء في هذه المادة من قرار الحزب
الشيوعي ومحكمة التفتيش في خوتان "أنه
مع تعزيز قيادات تحديد النسل يجب زيادة
عدد العاملين في مجال تحديد النسل ورفع
مستوى الأطباء الذين يعملون في هذا
المجال وإكمال الوسائل الاحتياطية
اللازمة من أجل ذلك" وتم التأكيد على
وجه خاص على زيادة عدد مجموعات العمل
والدعاية لتحديد النسل.
وجاء في البند الأخير من المادة: "يتم
تعيين 10 أشخاص من أجل الدعاية والتطبيق
لسياسة تحديد النسل في القرى التي لايصل
عدد سكانها إلى 10 آلاف، وفي القرى التي
يقل عدد سكانها عن 20 ألف يتم تعيين 15
شخصا، وفي القرى التي يزيد عدد سكانها
عن 20 ألفا يتم تعيين 20 شخصا، ويتم وضع
هؤلاء الكوادر تحت الإشراف المباشر
لمركز تحديد النسل ولا يتم إقصاءهم عن
وظائفهم حتى انقضاء ثلاث سنوات، ويتم
توزيعهم بنهاية شهر يونيو حزيران في
مقار أعمالهم ، ويتم عملية الفحص حتى
نهاية شهر تموز يوليو.
وتوضح هذه المادة أن السلطات الصينية
تقوم بإرسال كوادر خاصة وتحت إشراف
مباشر من مركز تحديد النسل إلى القرى
لمدة 3 سنوات وذلك من أجل الحيلولة دون
قيام تنسيق بين الأهالي والكوادر في
إعطاء معلومات غير صحيحة بشان الولادات
في القرى.
وحسب ما أفاد بعض الأيغور الذين طلبوا
اللجوء السياسي إلى ألمانيا فانه بسبب
تركيز المسؤولين في القرى بتركستان
الشرقية على تحديد النسل بأمر من
القيادات العليا تم إهمال عملية التطور
الزراعي، ويتم تقييم المدن والقرى
النموذجية بنجاحها أو فشلها في تطبيق
سياسة تحديد النسل من غير الأخذ في
الاعتبار تطورها وتقدمها في ميادين
أخرى، وبذلك أصيب الإنتاج الزراعي في
القرى بالشلل و ينخفض دخل الفلاحين
الأيغور عاما بعد عام.
رابعا: ضمان الإنفاق على عملية تحديد
النسل
جاء في هذه المادة "أنه يجب على كافة
الكوادر القروية إعطاء أهمية خاصة على
الإنفاق على مجال تحديد النسل، كما يجب
إنفاق 20 في المائة من دخل القرى في هذا
المجال، وينبغي إعادة فحص شاملة
للعقوبات الغرامية التي تم فرضها على
المخالفين لتحديد النسل و جمع الغرامات
التي لم يتم تحصيلها بعد، ويظهر إنفاق
عشرين في المائة من دخل القرى على عملية
تحديد النسل أن السلطات الصينية لا تأخذ
في الاعتبار تطور الأهالي، وأن هدفها
الوحيد تخفيض نسبة سكان الأيغور بكل
الوسائل تمهيدا للقضاء التام عليهم.
ومن المعروف أنه بسبب عدم وجود المبالغ
اللازمة من أجل إنشاء المشروعات
الأساسية للتطور كإنشاء سدود المياه,
إنشاء الطرق, وإنشاء مناطق جديدة للسكن
وغيرها تقوم السلطات في القرى بإرغام
الفلاحين على العمل في إنشاء تلك
المشروعات مجانا، كما تزيد من الضرائب
والغرامات التي تثقل كاهل الفلاح حيث
زادت تلك الأنواع من الضرائب عن "أكثر
من 30 نوعا. وكان وانغ لوجين سكرتير
الحزب الشيوعي في خوتان قد أكد في
تقريره السنوي في شهر يناير من هذا
العام أن دخل الفلاحين انخفض عن العام
الماضي حيث بلغ 720 ين صيني للعام
الواحد.
ونستطيع أن نعلم من ذلك أن السلطات
الصينية تقوم وتحت شعار "سياسة تحديد
النسل" بإثارة الاضطرابات القومية
وزيادة الهموم على كاهل الأيغور الذين
يعانون من الفقر والجوع.
خامسا: تقوية أعمال الدعاية لتحديد
النسل
جاء في هذه المادة: "من أجل الحيلولة
دون زيادة نسبة الأيغور يجب استعمال
كافة الوسائل الدعائية لتحديد النسل،
وإفشاء أهداف العناصر الدينية المتطرفة
التي ترى في تحديد النسل أنه " القضاء
على نسلنا وهي تمنع تطور الأقليات"
وإبلاغ الأهالي أن تحديد النسل يجلب
السعادة إليهم على عكس ما يدعيه
المتطرفون. وواضح من ذلك أن السلطات
الصينية تربط بين الفقر والتخلف الذي
يعيش فيه الأيغور وبين كثرة عددهم وعدم
تطبيقهم لتحديد النسل.
وفي الواقع تدعو الأراضي الشاسعة
والثروات الكبيرة التي تتمتع بها
بتركستان الشرقية إلى ضرورة زيادة عددهم
ناهيك عن القيام بتحديد النسل.
فعلى سبيل المثال: تبلغ مساحة بتركستان
الشرقية حسب الإحصائيات الصينية مليون
وستمائة ألف كيلو متر مربع أي ما يعادل
سدس مساحة الصين. وإذا قمنا بمقارنة
تركستان الشرقية بالبلاد الأخرى تعادل
مساحتها لستة عشر إقليما من مساحة إقليم
جيجانغ الصينية، ثلاثة أضعافا من مساحة
فرنسا، وأضعاف أربعة ونصف من مساحة
اليابان. وتعتبر تركستان الشرقية من حيث
المساحة التاسعة عشر بين دول العالم.
وحسب الإحصائيات الصينية أيضا تبلغ نسبة
سكان تركستان الشرقية من القوميات
الوطنية من الأيغور ، والقازاق,
والقيرغيز وغيرهم حوالي 10 ملايين نسمة.
وإذا وزعنا هذه النسبة على مساحة
تركستان الشرقية يكون من نصيب كل شخص
حوالي 0.16 مساحة مربعة. وبالإضافة إلى
ذلك تتمتع تركستان الشرقية بثروات
ومعادن طبيعية غنية وأراضي زراعية
وغابات شاسعة.
وجاء في كتاب "الثروات الطبيعية في
سنجيانغ" التي نشرتها السلطات الشيوعية
الصينية أن هناك 300 ألف فدان مساحة
زراعية في تركستان الشرقية، وإذا قمنا
بتوزيع هذه المساحات على سكان تركستان
الشرقية يكون من نصيب كل تركستاني 30
فدان، ولكن في الواقع لا توجد لمجموعة
عمل ولو فدان واحد من المساحات الزراعية
في المناطق الجنوبية من تركستان الشرقية
التي معظم سكانها من الأيغور فضلا عن
تملك كل شخص فدان. كما جاء في الكتاب
نفسه أن هناك أكثر 240 مليون فدان من
الأراضي الصالحة للزراعة في تركستان
الشرقية، ولكن مجموع المساحات الزراعية
التي تملكها 169 فرقة من جيش الإنتاج
والبناء الصيني المرابط على أرض
تركستان الشرقية يبلغ 13 مليون و900 ألف
فدان، وإذا قمنا بتوزيعها على مجموع
عدد هذا الجيش الذي يقدر بحوالي
مليونين ومائتين وخمسين ألف نسمة يكون
من نصيب كل فرد منها أكثر من 6 فدان،
وإذا قسمناها على القوى العاملة في
الصين يكون النسبة أكبر. وهذا يعنى أن
المستوطنين الصينيين يقومون بغصب
الأراضي الزراعية من أصحابها الحقيقيين
ألا وهم الأيغور، وذلك أن 90 في المائة
من أهالي تركستان الشرقية يعيشون في
القرى، وأصبح نقص الأراضي الزراعية أحد
العوامل الأساسية في الفقر والجوع الذي
يعانيه الأهالي. كما أن استيلاء جيش
الإنتاج والبناء الصيني على مصادر
المياه والأراضي الزراعية الأساسية في
تركستان الشرقية يحول دون تطور الإنتاج
الزراعي للأهالي.
وتعرف تركستان الشرقية بثرواتها الغنية
في العالم، وباطن أراضيها مخزن كبير
للطاقة، ويمكن أن نطلق عليه مخزن النفط
والفحم، وتوجد في أكثر من 400 موقع
بتركستان الشرقية 118 نوعا من المعادن.
وإذا تحدثنا عن الفحم, فقد جاء في كتاب
"الدار الذهبي الوطن الأم" الذي نشر من
قبل السلطات الصينية أنه "توجد أكثر من
17 مليار و600 مليون طن من احتياطي
الفحم في تركستان الشرقية حيث تقع هذه
المخازن الاحتياطية من الفحم في 88 ألف
كيلو متر مربع من الأراضي وهي أكبر من
مساحة الإمارات العربية المتحدة، وتشكل
المخزون الاحتياطي من الفحم الموجود في
هذه المنطقة ثلث احتياطي الفحم الموجود
في الصين.
ويعتقد العلماء الصينيون والأجانب أن المخزون الاحتياطي من
النفط في تركستان الشرقية يبلغ أكثر من
60 مليار طن مما يعني أنه أكبر من
المخزون الاحتياطي من النفط في
السعودية، وبالإضافة إلى ذلك توجد في 56
موقعا في 56 بلدة بتركستان الشرقية
مخزونا احتياطيا من الذهب، ويكفي مخزون
تركستان الشرقية من احتياطي الملح
الموجود في مدينة آقسو لتأمين العالم
كله لمدة ألف سنة، ولكن مع الأسف الشديد
لا يستطيع الأصحاب الحقيقيون لتلك
الأراضي التمتع بثرواتها وذلك بسبب أن
السلطات الصينية تقوم وتحت شعار "سائر
الثروات والمعادن ملك للدولة، والدولة
هي التي لها الحق في كشفها" في امتصاص
دماء شعب تركستان الشرقية منذ خمسين
سنة، وتكاد تحول هذه المخازن والثروات
إلى مخازن فارغة.
هذا وقد أصبح تلك الشعب الذي يملك كل هذه الثروات غير
المحدودة "سائلا يسأل الناس وبيده طبق
من الذهب" وذلك أن أمة تتعرض لنهب قطاع
الطرق بصفة مستمرة لا يمكن أن تصبح
غنية.
ومن المضحك زعم السلطات الصينية أن سبب فقر الأيغور هو عدم
رعايتهم لتحديد النسل، وذلك أن هذه
الأرض التي تمتلئ بالثروات قادرة على
إعاشة 100 مليون ايغوري فضلا عن 7 أو 8
ملايين ايغوري.
وإذا نظرنا إلى الأوضاع في الدول التي تشجع على تنظيم النسل
نجد أن أراضيها الزراعية وثرواتها
الطبيعية محدودة بحيث لا تستطيع تأمين
سكانها، ولا توجد دولة في العالم ترغم
شعبها على تحديد النسل غير الصين فقط
حيث تشجع الدول باستثناء الصين على
تنظيم النسل وليس تحديده.
وفي عهد ماو كانت السلطات الصينية لا تتدخل في عملية النسل
ولذلك كانت سرعة النمو في السكان أسرع
جدا في الفترة من 1949م إلى 1980م. وجاء
في كتاب "الوثائق المتعلقة بتحديد
النسل" الذي نشر من قبل السلطات الصينية
أنه قد زاد سكان الصين في الفترة من
1840 م إلى 1949 أي خلال 109 سنة 130
مليون نسمة فقط، إلا أن الأمر تغير بعد
هذا التاريخ حيث زاد السكان في الفترة
من عام 1949 إلى 1978م 600 مليون نسمة،
ورغم أن الصين قد بدأت في تطبيق سياسة
الإصلاحات بعد تولي دينغ شاوبينغ مقاليد
الأمور في عام 1978 إلا أن سكان الصين
الذي يشكل ربع سكان العالم يقف عائقا
أمام تطور الاقتصاد الصيني.
ولذلك أرغمت السلطات الصينية على تطبيق سياسة تحديد النسل منذ
عام 1980م، وتم إدخال كلمة "الزوج
والزوجة عليهما رعاية تحديد النسل" ضمن
الدستور الأساسي الصيني في المؤتمر
العام الخامس لمجلس الشعب الصيني الذي
انعقد في عام 1982م، وقبله بسنتين أي في
10/ 9/ 1980 كان قد تم إدخال كلمة "سوف
يتم تطبيق تحديد النسل" ضمن الدستور.
وكان قد تم استثناء مناطق الأقليات كتركستان الشرقية والتبت من
سياسة تحديد النسل منذ بدايتها عام 1980
إلى عام 1988م، ولم يكن تلك الاستثناء
راجعا إلى عناية خاصة بهذه القوميات بل
كانت عملية تكتيكية مؤقتة طبقتها
السلطات مؤقتا حتى يحين الوقت المناسب ،
ورغم ظهور الصين منذ بداية الثمانينات بالدولة التي تتطور
بسرعة فائقة إلا أن جبهتها الداخلية
مشروخة وهي على وشك الهاوية. فعلى سبيل
المثال: جاء في الوثيقة السرية التاسعة
التي وزعت داخل الدوائر الحكومية والتي
أصدرتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي
في عام 1991م ما يلي بالنص: "دولتنا
أكبر دولة من حيث عدد السكان وهي دولة
نامية، وكثافة السكان وقلة الأراضي
الزراعية وسوء الحالة الاقتصادية، ونقص
الدخل القومي للفرد
–
الوضع الاقتصادي للدولة وسرعة نمو
السكان
…
الخ هموم ثقيلة في كاهلنا، وهذه
العوامل تحول دون تطور دولتنا من
الناحية الاقتصادية والاجتماعية، وإذا
لم نتخذ التدابير الواجبة لوقف النمو
المتزايد في عدد السكان سوف يتزايد
الوضع الاقتصادي بشكل أكثر سوءا ونخلف
للجيل القادم هموم ومعاناة لا قبل له
بها، ويصل النمو السكاني السنوي في
الصين إلى 16 مليون نسمة وهو ما يعادل
نسبة سكان دولة".
هذا وبالإضافة إلى ذلك جاء في خطاب جيانغ زمين رئيس الصين في
اجتماع عمل تحديد النسل في شهر نيسان
إبريل عام 1991م ما يلي : "شوهد تطور
نسبي في تطور اقتصاد الدولة منذ انعقاد
المؤتمر العام رقم 11 للجنة المركزية
للحزب الشيوعي، ورغم أن نسبة الإنتاج في
صناعة القطن, الفحم, النحاس والكهرباء
تحتل مرتبة متقدمة بين دول العالم إلا
أنه وبسبب كثافة عدد السكان فان دخل
الفرد يحتل المرتبة الأخيرة، والثروات
التي تتكاثر سنويا تصرف على الميادين
السكانية ولذا لا يرتفع دخل الفرد
المتوسط، وتخلف كثافة السكان للجيل
القادم معاناة لا يمكن حلها بسهولة".
وجا ء أيضا في كتاب "مجموعة الوثائق
والقوانين المتعلقة بتحديد النسل" التي
توزع سرا داخل الحكومة الصينية ما يلي:
" نسبة السكان كثيرة في بلادنا والأراضي
الزراعية محدودة، ولا تسد الأراضي
الزراعية الموجودة احتياج الأهالي،
وينبغي أن يصل قوت الفرد السنوي على حد
أدنى إلى 400 كيلو غرام، وتقع الآن
فدانين من الأرض الزراعية على الفرد،
وإذا تزايد عدد السكان ووصل إلى مليار
و300 مليون نسمة تنخفض المساحة الزراعية
التي تقع على الفرد إلى ما يزيد بقليل
على فدان واحد، كما أن النمو المتزايد
في عدد السكان لا يتسبب في مشكلات
الالتحاق بالجامعات وتضاءل فرص العمل
فحسب بل ويزيد من استهلاك المنابع
الطبيعية من مصادر المياه والغابات مما
يؤدي في آخر المطاف إلى تلوث البيئة،
وسوء المستوى المعيشي، وخفض الإنتاج ولا
يمكن حل هذه المشاكل بسهولة".
وواضح من البيانات السابقة: أن الصين
رغم ظهورها بالدولة المتطورة اقتصاديا
إلا أنها تتجه إلى حالة لا تستطيع فيها
تأمين مستوى معيشي لائق لشعبها، لذلك
ومن أجل الخلاص من هذا الخطر تقوم الصين
باتخاذ التدابير الآتية:
أولا: تسعي الصين فيما يخص الجبهة
الداخلية إلى الحيلولة دون النمو في
السكان وذلك عن طريق التطبيق الصارم
لسياسة تحديد النسل.
ثانيا: تسعي الصين عن طريق تشجيع الهجرة
الجماعية للصينين إلى شتى دول العالم
إلى التخفيف من همها الثقيل المتمثل في
كثافة سكانها وكذلك توسيع نفوذها من
الناحية السياسية والاقتصادية في
الخارج، ولذلك تقدم كل التسهيلات
للصينيين الراغبين في السفر إلى الخارج.
فعلى سبيل المثال: جاء في عدد شهر مارس
من هذا العام من مجلة "أخبار أوروبا"
التي تصدر باللغة الصينية "أنه قد بلغ
عدد الصينيين الذين هاجروا إلى الخارج
في العام الماضي وحده 4 ملايين و300 ألف
شخص، وهذا الرقم يدل على زيادة بنسبة
52,2 في المائة عن عام 1998م".
وجاء في نفس الخبر: " أن السلطات
الأمنية الصينية في المدن الكبرى كبكين
وشانغهاي أسست مراكز عمل خاصة من أجل
الصينيين الراغبين في الهجرة حيث تقدم
كل التسهيلات اللازمة لهم من السرعة في
استخراج جوازات السفر ، كما يتم تقديم
المشورة عن الدول التي يفضل الهجرة
إليها وعن الأوضاع في هذه الدول. ويقول
المراقبون أن السلطات الصينية تقوم
بتشجيع هجرة الصينيين إلى الخارج من أجل
إنشاء نفوذ لها في المستقبل في الدول
التي يستوطن فيها الصينيون.
فعلى سبيل المثال: بلغ عدد الصينيين
الذين هاجروا إلى كندا خلال الأشهر
الخمسة الأولى من عام 1999م 18000 ألف
شخص، وإذا أضفنا إليها الصينيين الذين
هاجروا من تايوان وهونغ كونغ يبلغ العدد
الإجمالي للصينيين الذين يستوطنون في
كندا ما بين 40 و50 ألف شخص سنويا.
وقبل فترة كان قد تم العثور على جثث 52
صينيا كانوا في مخزن شاحنة في طريقهم
إلى بريطانيا وقد كان لهذا الحادث ردود
فعل واسعة في الأوساط العالمية.
هذا وبالإضافة إلى ذلك يقوم الصينيون
انطلاقا من تركستان الشرقية بالهجرة إلى
دول آسيا الوسطى التركية وذلك تحت ستار
التجارة ويتسربون من تلك الدول بخطوات
تدريجية إلى الغرب. ولذلك قامت بعض
الدول الغربية باتخاذ تدابير مشددة من
أجل الحيلولة دون تدفق الصينيين إليها،
كما تدعم هذه الدول سياسة تحديد النسل
الصينية لهذا الغرض.
ثالثا: سعت الصين من البداية إلى
التمهيد من أجل توطين المزيد من
الصينيين في تركستان الشرقية ولذلك قامت
وتحت شعار "فتح الشمال الغربي" بنقل
واسع النطاق للصينيين إليها ونهب
ثرواتها الطبيعية وتطبيق سياسة تحديد
النسل على الأقليات أيضا. وحسب
الإحصائيات الرسمية الصينية يبلغ عدد
سكان تركستان الشرقية 16 مليون و613000
ألف نسمة وهو ما يعادل النمو السنوي
لسكان الصين.
ويشير بعض الأنباء إلى أن السلطات
الصينية تستعد لتوطين 100 مليون صيني في
تركستان الشرقية خلال الفترات القريبة
القادمة، ولذلك تقوم بإطلاق الصرخة
القديمة "فتح الشمال الغربي" من أجل
التمهيد لأرضية واسعة لتوطين الصينيين.
والهدف من تطبيق سياسة تحديد النسل على
الأيغور هو إيقاف نمو الأهالي والإسراع
في خطوات تصيين تلك المنطقة وكذلك
لاستفادة الصينين البالغ عددهم مليار
وثلاثمائة مليون نسمة من ثروات تركستان
الشرقية. وفي الواقع تعتبر تلك الخطوات
عملية غصب ونهب لحقوق شعب تركستان
الشرقية، ورغم تطبيق السلطات الصينية
لسياسة تحديد النسل على الأيغور بعد 8
سنوات من تطبيقها على الصينيين إلا أنها
قامت بالتلميح قبلها بفترات من أن تحديد
النسل سوف يطبق أيضا على الأيغور.
فعلى سبيل المثال: جاء في المادة الأولى
من "القرار المؤقت بشأن عدة مسائل حول
سياسة تحديد النسل" الذي نشر من قبل
السلطات المحلية في تركستان الشرقية ما
يلي بالنص: "تطبق سياسة تحديد النسل في
سنجانغ على الصينيين، ويقام بالدعاية
لسياسة تحديد النسل على الأقليات، ولكن
لا تصدر قرارات ملزمة، وتعطى التوجيهات
لمن يرغب في تحديد النسل".
وتوضح المادة السابقة أن السلطات
الصينية سعت مع تطبيق سياسة تحديد النسل
على الصينيين إلى التمهيد في الوقت نفسه
لتطبيقها في المستقبل على الأهالي وذلك
عن طريق الدعاية المنتظمة لها.
جاء في المادة رقم 44 من "قوانين الحكم
الذاتي في جمهورية الصين الشعبية" التي
صدرت من قبل السلطات الصينية في 31 مايو
عام 1984م "أن سلطات مناطق الحكم الذاتي
تقوم على أساس القوانين ووفقا لوضعها
بإصدار قرار بتحديد النسل" وفي الواقع
تعتبر هذه المادة ضغطا سياسيا تمارسه
الحكومة المركزية على سلطات مناطق الحكم
الذاتي من أجل تطبيق سياسة تحديد النسل
على الأقليات، ونتيجة لذلك أصدرت سلطات
سنجيانغ "تركستان الشرقية" في 23 / 4 /
1988م قرارا مؤقتا بشأن تطبيق تحديد
النسل على الأقليات في تركستان الشرقية
حيث بدأ تطبيق القرار الذي بلغ 37 صحيفة
اعتبارا من 1 تموز يوليو من ذلك العام
بشكل تجريبي.
كما تم الإعلان في شهر حزيران يونيو من
نفس العام عن نظام عمل يتكون من 26 مادة
للجهات المختصة بتطبيق سياسة تحديد
النسل في تركستان الشرقية، وبدأ في
إنشاء فروع لمراكز تحديد النسل في جميع
القرى والمدن وأنفق عليها مبالغ مالية
كبيرة، ومن أجل تقوية نفوذ تلك المراكز
تم وضع لجنة مراقبة تطبيق سياسة تحديد
النسل المركزية لمراقبة عمل تلك
المراكز، ولكن تلك القرارات السابقة
كانت غير رسمية حيث أنه من أجل أن تأخذ
طابعا رسميا كان ينبغي أن تصدق عليها
اللجنة الدائمة لمجلس الشعب في سنجيانغ،
وصدر قرار حل مسألة تحديد النسل من قبل
السلطات المحلية في 15 / 8 / عام 1991م
ويتكون القرار من 55 مادة. وأصدر الرئيس
الصوري لمنطقة سنجيانغ ذات الحكم الذاتي
تمور داوامت في 7 /4 / عام 1992م قرارا
خاصا طلب فيه تنفيذ تلك القرار اعتبارا
من 1 / 7 من ذلك العام، ومازال هذا
القرار يطبق على شعب تركستان الشرقية
حتى الآن. هذا وفضلا عن ذلك أصدرت
الجهات المحلية أوامر وقرارات حازمة
وشددت من ضغوطها على الأهالي تدريجيا
فيما يتعلق بتحديد النسل، كما حالت بذلك
دون النمو في السكان، وقرار الحزب
الشيوعي والمحكمة الادارية في خوتان
والذي وقفنا فيها في هذه المقالة
والمتعلقة بتحديد النسل ما هو إلا إحدى
مئات القرارات التي صدرت بهذا الشأن.
وجاء في المادة السادسة من قرار الحزب
الشيوعي والمحكمة الادارية في خوتان أنه
من أجل الحيلولة دون حمل النساء
الايغوريات خارج النطاق المسموح بها
ينبغي إجراء زيارة روتينية شهريا إلى
المنازل في القرى لمعرفة حالات الحمل
غير المسموح بها وكذلك الحيلولة دون
قيام النساء اللاتي أجريت لهن عمليات
تعقيم بواسطة وضع حلقات في رحمهن برفعها
في مناطق أخرى والحمل مرة أخرى. وإذا
لزم رفعها يجب أن تصدق عليها مراكز
تحديد النسل، كما انه إذا أقدم الأطباء
في المستشفيات على رفعها دون إذن يتعرض
الطبيب الذي فعل ذلك للطرد من وظيفته
بالإضافة إلى غرامة 10 آلاف ين، وإذا
كان المستشفي الذي قام بذلك مستشفي خاص
تسحب رخصته، كما أكد في المادة على
ضرورة التعقيم الأبدي للنساء اللاتي
ولدن ثلاثة أطفال في القرى.
وتوضح المادة السابقة ذكرها أن السلطات
الصينية بدأت تمارس وسائل غير إنسانية
من أجل القضاء على الشعب الأيغورى حيث
أنه فيما تشدد من ضغوطها السياسية
والاقتصادية على المستشفيات والأطباء من
أجل تنفيذ سياسة تحديد النسل بلا هوادة
فإنها تقوم بمعاملة النساء الايغوريات
في القرى كالمساجين وذلك بمراقبتهن من
أجل وضع حلقات تعقيم في رحمهن وإجراء
عملية تعقيم لهن وتهديدهن، وكما أسلفنا
في هذه المقالة فإنه بسبب نقص
الإمكانيات والوسائل الطبية وتواضع
مستوى الأطباء في مستشفيات القرى توفيت
الكثير من النساء الايغوريات أثناء
إجراء عمليات الإجهاض والتعقيم.
فعلى سبيل المثال: حسب ما أورده مركز
تركستان الشرقية للمعلومات الذي مقره في
ألمانيا فقد اقتيدت 28 سيدة ايغورية في
20 / 6 / من العام الماضي إلى مركز
تحديد النسل في بلدة فيزاوات بولاية
كاشغر حيث أجريت لهن عملية إجهاض وقطعت
أرحامهن وتوفيت على الفور نتيجة لذلك
السيدات: قمبرخان, مكرم خان,
آيتوللاخان, سوفرام خان, نوربيه هانم
,هورنساخان وآمينه خان. وتتراوح أعمارهن
مابين 25 إلى 34 سنة وقد تم المجيء بهن
من مختلف القرى في بلدة فيزاوات.
هذا وبالإضافة إلى ذلك بلغ مجموع النساء
اللاتي تم تعقيمهن خلال عام 1991م في
بلدة قارقاش بتركستان الشرقية وحدها
18765 سيدة وهذا الرقم يشكل نصف السيدات
في سن الإنجاب في تلك البلدة. كما تم
اجراء عمليات إجهاض إجبارية لثمانمائة
وخمسة وستين سيدة خلال عام 1992م في
بلدة توقسو وحدها، وقد أصيبت 90 في
المائة من تلك السيدات بالمرض أو الجنون
نتيجة لذلك. كما توفيت 17 سيدة خلال
فترة 3 أشهر بعد العمليات.
وحسب ما ذكره طبيب ايغوري وصل إلى
ألمانيا قبل فترة وطلب اللجوء السياسي
فيها ولايريد الكشف عن اسمه فانه بسبب
إجراء عمليات تعقيم أو إجهاض لسيدات
ايغوريات في مستشفيات لا تتوفر فيها
الأدوات والوسائل الطبية المتطورة
ارتفعت حالات الوفيات والمرض خلال وبعد
العمليات. ويقول هذا الشخص الايغورى أنه
رغم مخالفة تلك العمليات الصينية لمبادئ
الطب وحقوق الإنسان إلا أن السلطات
الصينية لا تتخذ التدابير الاحتياطية
اللازمة وتترك السيدات الايغوريات
ليلقين حتفهن، وفضلا عن ذلك أعطت
السلطات الصينية صلاحيات واسعة لفروع
مراكز تحديد النسل في احتجاز وتعذيب
النساء الايغوريات اللاتي يخالفن سياسة
تحديد النسل. وقد أصبحت حالات اقتياد
السيدات الايغوريات تحت الضرب والتعذيب
إلى المستشفيات وحبس أزواجهن وفرض
غرامات مالية ثقيلة عليهم ومصادرة
أراضيهم وممتلكاتهم ظاهرة عامة في جميع
القرى في تركستان الشرقية.
وجاء في المواد السابعة والثامنة
والتاسعة من قرار الحزب الشيوعي
والمحكمة الادارية في خوتان بشأن تشديد
سياسة تحديد النسل أنه ينبغي تأسيس
المزيد من مراكز تحديد النسل في القرى
والمحافظات وتعيين موظفين أكفاء في تلك
المراكز ودعمهم ماديا من أجل تقوية
نشاطات تحديد النسل, وتأسيس "مركز
لمراقبة العناصر النشطة " والتنسيق بين
مديريات الأمن ومراكز تحديد النسل في
مراقبة العناصر التي تتنقل بين المدن
وعدم السماح قطعيا بالولادة لمن ليست
لديها رخصة. و أكد في آخر البيان على
وجوب قيام مختلف الجهات الحكومية بوضع
خطة على المدى الطويل من أجل تطبيق
تحديد النسل ومعاقبة الجهات التي لا
تحصل على 97 في المائة في تطبيق تحديد
النسل.
ومنذ بدء السلطات الصينية في عام 1988م
في تطبيق تحديد النسل على تركستان
الشرقية ركزت الجهات المسؤولة المختلفة
في تركستان الشرقية على تطبيق هذه
السياسة وامتلأت سائر القرى والمحافظات
بشعار تحديد النسل وأصبح الشعب
التركستاني ينام ويقوم مع هذا الشعار.
وحسب ما جاء في كتاب "مذكرة سنجيانغ"
التي تصدر عن الحزب الشيوعي فقد بلغ عدد
مراكز وجمعيات تحديد النسل التي أنشأت
بين عام 1988م إلى أواخر عام 1995م
13786 مركزا. وتوجد مثل هذه المراكز في
95 في المائة من القرى و91 في المائة من
المحافظات. وعلى الرغم من إعطاء صلاحيات
للمستشفيات والجمعيات النسائية لمراقبة
تحديد النسل إلا أن السلطات الصينية
تستمر في الدعاية من أجل إنشاء مزيد من
تلك المراكز.
وقد ذكرنا في بداية هذا المقال بالأمثلة
أنه بسبب قيام السلطات الصينية بممارسة
شتى الوسائل غير الإنسانية أثناء
تطبيقها لسياسة تحديد النسل فقد ازدادت
حركات الاحتجاج الذي يبديها شعب تركستان
الشرقية، ولذلك قام بعض جماعات
المجاهدين بتحديد مراكز لجان تحديد
النسل والعاملين فيها كأهداف لها في
الجهاد ضد الصين، وإذا كانت الصين تريد
حقا تهدئة التوتر في تركستان الشرقية
كما تزعم الصحف الصينية كان يجب عليها
القيام بإعادة النظر في سياسة تحديد
النسل التي تعتبر إحدى أسباب التوتر
القائم في تركستان الشرقية أو تخفيف
الوسائل التي تمارسها أثناء تطبيق تلك
السياسة على الأقل، ولكن القرار الصيني
السابق يثبت أنه على عكس ذلك تحاول
السلطات الصينية زعزعة الاستقرار عن
طريق تشديد سياسة تحديد النسل. وتسعى
الصين إلى الظهور كالحريص على السلام
ولذلك تصف الأيغور بأنهم إرهابيون
وأصوليون يريدون تدمير السلام. ولايكمن
السبب في إعطاء السلطات الصينية أهمية
كبيرة لسياسة تحديد النسل في وقف نمو
السكان وتطوير مستوى معيشة الشعب
الايغورى بل السبب في ذلك الخلاص من قسم
من سكانها البالغ أكثر من مليار نسمة
الذين يشكلون هما ثقيلا عليها من
الناحية السياسية والاجتماعية
والاقتصادية وذلك عن طريق توطينهم في
تركستان الشرقية، لأنه كما ذكرنا سابقا
لا يوجد مبرر لتحديد النسل في تركستان
الشرقية نظرا لنسبة الأراضي الواسعة
والثروات الطبيعية الموجودة فيها.
وإذا ضربنا مثالا على ذلك بالسكان
الحاليين في تركستان الشرقية فقد جاء في
كتاب "مذكرة سنجيانغ" الذي يصدر من قبل
الحزب الشيوعي أن نسبة الولادة خلال عام
1995 فقط في تركستان الشرقية بلغت 18.9
في المائة (من ضمنهم المستوطنون
الصينيون في تركستان الشرقية) ونسبة
الوفيات بلغت 6.45 في المائة ونسبة
النمو الطبيعى (لا يشمل هذا الرقم
المستوطنين) 12.45 في المائة، وهذا يعني
أن 286000 ألف شخص قد زادوا بالمقارنة
مع العام الماضي. وقد بلغ في الإحصائية
التي أجريت في ذلك العام عدد الأقليات
بتركستان الشرقية 10 ملايين و311000 ألف
نسمة حيث يشكلون 26 في المائة من مجموع
السكان. وجاء في الوثائق الصينية أن
النمو السنوى في عدد سكان الصين يبلغ 16
مليون نسمة، وإذا افترضنا جدلا بأن
286000 نصفهم من الأهالي فأين هذا الرقم
من 16 مليون مولد يولدون سنويا في
الصين. ولو أن نسبة الولادة في تركستان
الشرقية بلغت 18.9 في المائة كما تزعم
السلطات الصينية إذن كان من المفروض أن
تبلغ عدد سكان تركستان الشرقية عشرات
الملايين بدلا من 10 ملايين حسب إحصائية
السلطات وذلك أن مجموع عدد سكان تركستان
الشرقية كان يبلغ قبل 50 عاما 5 ملايين
نسمة. هذا وواضح أن سائر الإحصائيات
الصينية لا تعكس الحقيقة وتكمن فيها
معلومات مضللة.
وأريد هنا التـأكيد على أنه بينما تقوم
السلطات الصينية من جهة بالسعي من أجل
تخفيض نسبة عدد الأيغور في بتركستان
الشرقية والقضاء عليهم تدريجيا عن طريق
تطبيق تحديد النسل فإنها تحول من جهة
أخرى دون سفر ألأيغور وخاصة الشباب منهم
إلى الخارج والاستقرار فيها وذلك
بممارسة شتى الوسائل. وليس السبب في ذلك
قلق السلطات الصينية من أن ينخفض عدد
الأيغور في بتركستان الشرقية بسبب
استقرارهم في الخارج بل يكمن السبب في
ذلك قلقها من أن يتحول الايغورى الذي
يستقر في الخارج إلى مناضل ضد الاحتلال
الصيني لبلاده وذلك أنه أينما توجد
جالية ايغورية توجد فيها جماعات ومنظمات
ايغورية حيث تقوم بالكفاح ضد الاحتلال
الصيني. وهناك توجد منظمات وجماعات
ايغورية تقوم بممارسة نشاطات من أجل
الاستقلال في ما يقرب من 20 دولة في
العالم وهي : الولايات المتحدة
الأمريكية, كندا, استراليا, تركيا,
ألمانيا, بلجيكا, السويد, سويسرا,
النرويج, المملكة العربية السعودية,
باكستان, افغانستان, , قازاقستان,
قيرغيزيا, اوزبكستان روسيا
…
الخ، وتشتد هذه الجماعات والمنظمات قوة
يوما بعد يوم. وقد قامت تلك الجماعات
وتقوم بالجهاد والكفاح السياسي بدء من
الأيغور الذين هربوا من جحيم الشيوعيين
عام 1949م بقيادة القائدين محمد امين
بوغرا وعيسى يوسف آلبتكين ولجئوا إلى
المملكة العربية السعودية أو الذين
هربوا في عام 1962م إلى جمهوريات آسيا
الوسطى أو الذين خرجوا إلى الخارج بعد
الثمانينات بذرائع شتي. ولذلك اختارت
السلطات الصينية القضاء عليهم في عقر
دارهم.
وأخيرا أود التأكيد على أنه ينبغي على
الشعب الايغورى أن لا ينخدع بشعارات
الخداع الصينية ولا يبرر التخلف والفقر
الذي يعيشه الآن بعدم رعايته لسياسة
تطبيق تحديد النسل. والسبب في هذا الوضع
الذي نعيشه ليس كثرة أولادنا بل يرجع
السبب في ذلك إلى سياسة النهب الصينية.
وإذا كنا دولة مستقلة لأصبحنا بالثروات
الطبيعية التي نملكها من أغنى بلاد
العالم. ولذلك ينبغي على شعب الأيغور
القلق من التحول إلى عبيد للمحتلين بدل
الخوف من إنجاب الأولاد. وتكفي ثرواتنا
وتزيد على مائة ولد ينجبه كل منا.
(ملاحظة: تم تأمين المراجع والوثائق
الذي تم الرجوع إليها في كتابة هذا
المقال من مكتبة مركز تركستان الشرقية
للمعلومات).
مركز تركستان الشرقية
للمعلومات
07/12
/ 2001
م
|