الاستقلال والحرية لتركستان الشرقية

 

E-Mail

 

 مركز تركستان الشرقية للمعلومات

 

 | انتهاكات حقوق الإنسان في تركستان الشرقية  |

 

المستوطنون الصينيون
 آفة كبرى على تركستان الشرقية
 

( تحليل سياسي )

بقلم: فرحات محمدي

 
 

إذا نظرنا إلى تاريخ الاستعمار في العالم نجد أن أمة أو شعبا ما لم تفنى عن بكرة أبيها أثناء كفاحها ومقاومتها ضد الاستعمار والعنصرية، ولكن هناك شعوب كثيرة مهددة بالفناء بسبب تغيير التركيبة السكانية التي يقوم بها الاستعمار في البلد المحتل، والوسيلة الأساسية التي يلجأ إليها المستعمرون للقضاء على شعب ما هي سياسة الاستيطان، وقد سعت القوى الاستعمارية في كل فترة إلى القضاء التام على المشاعر الدينية والقومية للشعوب أو الأمم الواقعة تحت استعمارها، وذلك عن طريق ممارسة سياسة الاستيطان والقيام بإرغام الشعب المحتل على قبول ثقافتها وتقاليدها والتأثير المباشر على الميادين الثقافية والتعليمية والدينية والاقتصادية والتاريخية والتجارية والصناعية للشعوب الواقعة تحت قبضتها، ويعني البعد والانعزال عن المشاعر الدينية والوطنية فعليا الفناء والهلاك.

وإذا قمنا بإلقاء نظرة على الصينيين نجد أن أكبر مثال حي على ذلك هو أن قومية المانشورية التي حكمت الصين قرونا عديدة قد تحولت إلى قومية ليس لها في الواقع إلا اسمها، وذلك أنها قد تماشت مع الثقافة الصينية وأضاعت هويتها القومية منذ زمن بعيد، ولو عاشت هذه القومية في مانشوريا متعلقة بثقافتها وعاداتها الموروثة عن أجدادها ولم تتفرق في أنحاء الصين آنذاك لاستطاعت المحافظة على كيانها القومي كالتبتيين والتركستانيين.

وفي الواقع فان المناطق التي لم تتعرض للاستيطان إلا بقدر محدود نجد أن المشاعر الدينية والقومية فيها أقوى واشد بكثير عما هو عليه في المناطق التي يستوطن فيها الصينيون بكثرة.

والفارق كبير في المشاعر الدينية والوطنية بين المناطق التي يستوطن فيها الصينيون بكثرة وبين المناطق التي لا يستوطن فيها إلا عدد محدود من الصينيين في تركستان الشرقية. ومثلا: إذا نظرنا إلى الوضع في مدينة اورومتشي وهي من إحدى أكبر المدن التي يستوطن فيها المستوطنون الصينيون بكثرة نجد أن الثقافة والتقاليد الصينية بدأت تغلب على الكثير من الايغور حيث أن بعضا من الشباب الايغور أصبحوا يرون لبس الملابس الوطنية عارا عليهم ويقومون بتحقيرها ويقلدون الصينيين في سلوكهم ويشمئزون من الايغور الذين وصلوا من المناطق الجنوبية في تركستان الشرقية للتجارة في المدينة ولكن إذا لقوا صينيا غطتهم الفرحة والبهجة، وكذلك لا يمكن التمييز بين بعض من الفتيات الايغوريات والصينيات بسبب التشابه في المكياج والملابس، وهذه دلائل حية وخطيرة على سياسة التصيين الصينية، وعلى العكس من ذلك نجد أن الوضع يختلف تماما في المناطق التي يوجد بها عدد قليل من المستوطنين الصينيين كمناطق كاشغر وخوتان حيث أنه يمكن معرفة مدى قوة المشاعر الدينية والقومية في هذه المناطق من تركستان الشرقية.

وإذا نظرنا إلى تاريخ الاستعمار في تركستان الشرقية نرى أنه وعلى الرغم من أن القوى الاستعمارية السابقة التي قامت باحتلال تركستان الشرقية طبقت سياسة القمع والإبادة الجماعية بلا رحمة إلا أن أيا منها لم تهتم بنقل المستوطنين بشكل واسع إلى تركستان الشرقية بل قامت فقط بالاعتماد على  قواتها العسكرية لتحافظ على سلطتها، ولذلك لم تتعرض التقاليد والثقافة الايغورية لخطر يذكر ونجح الايغور في المحافظة على هويتهم القومية رغم أنهم دفعوا الثمن باهظا من أجل ذلك، ولكن في العهد الشيوعي الصيني تغير الوضع تماما حيث أن سلطات الاحتلال الصينية أحست بالنظر إلى الأثر الإيجابي لسياسة الاستيطان الذي يطبقها الاتحاد السوفيتي السابق في جمهوريات آسيا الوسطى أنه لا يمكن القضاء على شعب ما بالقوة العسكرية وأن الرأي العالمي لن يقف مكتوف الأيدي على ذلك، إذن فالطريق الصحيح الذي ينبغي سلوكه هو إغراق تركستان الشرقية بالمستوطنين الصينيين.

وهنا لابد من القول: أنه إذا نظرنا إلى الوضع في الجمهوريات المجاورة لتركستان الشرقية كقازاقستان وقرغزيستان نستطيع أن نرى بوضوح مدى تعرض أهالي هذه الجمهوريات لسياسة التذييب الروسية، وعلى الرغم من مرور 10 سنوات على نيل هذه الجمهوريات لاستقلالها فإنها لم تنجح حتى الآن من الخلاص عن أثر التقاليد والثقافة الروسية.

إذا ضربنا مثلا على ذلك بقازاقستان التي تعرضت لسياسة التذييب الروسية بشكل واسع نجد أن القازاق على وشك فقدان مشاعرهم القومية والدينية وحتى أن معظم الشباب القازاقيين لا يستطيعون أن يتحدثوا بلغتهم الأم، وعلى الرغم من كون قازاقستان دولة مستقلة إلا أنه وبسبب سيطرة التقاليد والثقافة الروسية على كافة الميادين بشكل أساسي فان الشعب القازاقي يشعر وكأنه مازال يعيش تحت الاستعمار. 

وإذا أمعنا النظر في تاريخ قازاقستان القريب نجد مدى أوجه التشابه في سياسة الاستيطان الروسية والصينية، فقازاقستان التي تبلغ مساحتها مليونان وسبعمائة ألف وثلاثمائة كيلو متر مربع يبلغ العدد الإجمالي لسكانها 16 مليون و646000 ألف نسمة، ويشكل القازاق 39.7 في المائة, الروس 37.8 في المائة, الألمان 5.8 في المائة, والاوكرانيون 5.4 في المائة من إجمالي عدد السكان، وباستثناء الاوزبك الذين يشكلون 2 في المائة والايغور الذين يشكلون 1.1في المائة لا يبلغ العدد الإجمالي لبقية القوميات التركية التي تعيش في قازاقستان 2 في المائة.

وفي الوقت الحاضر تمثل القوميات التي تنحدر من أصول تركية والتي تعيش في قازاقستان أقلية حيث يشكل الروس, الألمان, الاوكرانيون, روس روسيا البيضاء, الكوريون, الفولنديون, اليونانيون, المولدافيون, الأرمن واليهود 53 في المائة من إجمالي عدد سكان قازاقستان في حين لايتعدى العدد الإجمالي لقوميات القازاق, الأوزبك, التتار والايغور 47 في المائة.

وفي حين لم تهتم الإمبراطوريات الصينية السابقة بنقل المستوطنين الصينيين إلى تركستان الشرقية إلا أن روسيا وعلى العكس من ذلك تماما قامت منذ استيلاءها على تركستان الغربية ومن ضمنها قازاقستان في أواسط القرن التاسع عشر بنقل منتظم للمستوطنين إلى تركستان الغربية واستمرت هذه السياسة بخطة محكمة حتى عام 1952.

ورغم أن نقل المستوطنين إلى تركستان الغربية قد توقف مؤقتا أثناء الحروب الأهلية الروسية التي استمرت من 1914 إلى 1926 إلا أن الاتحاد السوفيتي الذي خلف الإمبراطورية الروسية القيصرية سار على نهج سلفه وشدد من سياسة نقل المستوطنين إلى تركستان الغربية.

وحسب تاريخ الإحصائيات الروسية فقد كان العدد الإجمالي لسكان تركستان الغربية ومن ضمنها قازاقستان في عام 1897 ميلادية 10 ملايين و846 ألف نسمة ولم يكن يشكل الروس آنذاك سوى 7 في المائة في هذه المناطق، وزادت نسبتهم في عام 1926 إلى 20 في المائة وفي عام 1959 إلى 32.2 في المائة وفي الوقت الحاضر يشكلون 53 في المائة من العدد الإجمالي للسكان، وعندما ننظر إلى مراكز استيطانهم في قازاقستان نجد أن معظمهم قد تم توطينهم في مناطق تورغاي, آقموللا, سميفلانستيك وياتتسو في شمال البلاد. 

وأيضا وعلى الرغم من كون المستوطنين الروس يشكلون الأغلبية في قازاقستان إلا أنه لم تقع هناك أية حوادث ذات نزعة عرقية أو عنصرية منذ حصول قازاقستان على استقلالها حيث أنه وعلى العكس من ذلك يعمل السكان المحليون والمستوطنون الروس  بيد واحدة من أجل إنشاء قازاقستان من جديد.

والسبب الأساسي لذلك هو: أولا: أن السلطات الروسية سواء في العهد القيصري أو الشيوعي قد مهدت لنقل المستوطنين بخطة محكمة بحيث لم تقم بتوطين المستوطنين في المناطق الآهلة بالسكان المحليين بل قامت بإنشاء مدن ومناطق استيطان جديدة تضم كافة الاحتياجات الضرورية من الأسواق والمباني السكنية والعمل وغيرها وقامت في الأساس بنقل المستوطنين على مراحل حيث أعد المستوطنون الأوائل التسهيلات لأقرانهم الذين يأتون من بعدهم، ولما لم يتعرض الأهالي لمضايقات في ميادين الزراعة, رعي الغنم, السكن, العمل وغيرها من الساحات التي يعملون بها لم تثر لديهم أية شعور بالعداوة ضد المستوطنين.

ثانيا: لم يقم المستوطنون الروس في أية فترة من الفترات بالانضمام إلى جانب السلطات في اضطهاد وظلم السكان المحليين كما يفعل المستوطنون الصينيون في تركستان الشرقية، وقد وقفوا على العكس من ذلك موقف الحياد وحافظوا على صلاحياتهم كمواطنين.

ثالثا: ورغم أن الاتحاد السوفيتي سعي من أجل نزع المشاعر القومية من عن صدور الأهالي وذلك عن طريق تصدير التقاليد والثقافة الروسية إلا أنه وفر مستوى معيشيا مساويا لكافة السكان سواء السكان المحليين أو المستوطنين مؤكدا على مبدأ التطور معا من الناحية الاقتصادية.

رابعا: دفع المستوى الثقافي العالي الذي يتمتع به المستوطنون الروس السكان المحليين إلى شعور بالرغبة فيهم، وكافة هذه العوامل لعبت دورا مهما في عدم التصادم بين المحليين والمستوطنين في جمهوريات آسيا الوسطي ومن ضمنها قازاقستان.

ولكن الأمر في تركستان الشرقية يجرى على عكس ذلك تماما حيث أنه إذا قارننا بين سياسة الاستيطان الصينية  والروسية نجد أن البون والفرق شاسع بين الاتحاد السوفيتي والصين من جوانب كثيرة  منها: الإسراع في نقل المستوطنين وزيادة عددهم, المستوى الثقافي لهم وتركيبتهم , الشروط الأساسية لنقل المستوطنين و السياسة المتبعة مع السكان المحليين  والمستوطنين من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وقد بدأت الصين سياسة نقل المستوطنين إلى تركستان الشرقية بعد وصول الشيوعيين إلى السلطة في عام 1949م حيث أن العدد الإجمالى للصينيين (بما فيهم القوات الصينية) قبل عام  1949م لم يكن ليتعدى 400000 ألف نسمة. والآن وصل عددهم الإجمالي إلى أكثر من 7 ملايين نسمة.

ويعرف العالم أنه تبعا لازدياد عدد المستوطنين الصينيين في تركستان الشرقية واشتداد النزعة القومية بين المستوطنين الصينيين والسكان المحليين تزداد يوما بعد يوم وقائع الاضطرابات القومية بشدة. وهذا الوضع لا يقلق المنظمات والجماعات التركستانية في الخارج فحسب بل ويقلق المجموعات الصينية الديمقراطية في الخارج أيضا، ونبهت الأحداث والاضطرابات القومية الداخلية التي وقعت إبان حصول تيمور الشرقية في إندونيسيا على استقلالها كل من الجماعات التركستانية الشرقية في الخارج والديمقراطيين الصينيين إلى ضرورة التأمل بعمق في مسألة المستوطنين الصينيين في تركستان الشرقية.

وكما هو معلوم لديكم ورغم إعلان شعب جزيرة تيمور الشرقية استقلاله عن إندونيسيا قبل فترة في استفتاء عام تحت إشراف ومراقبة الأمم المتحدة إلا أن المستوطنين الإندونيسيين في الجزيرة وبتحريض من الحكومة الإندونيسية قاموا بإحداث اضطرابات قومية واسعة وحولوا الجزيرة حديثة العهد بالاستقلال إلى حمام دم. ولم تستطع قوات حفظ السلام الدولية الدفاع عن نفسها ناهيك عن فض المعارك الضارية بين الطرفين. ورغم أن المستوطنين الإندونيسيين يشكلون أقلية في الجزيرة إلا أنه وبسبب قيام الجيش الإندونيسي بتسليحهم وحمايتهم لم يستطع التيموريون العزل مجاراتهم حيث أن الزعماء الأساسيون للجزيرة قد نجحوا بصعوبة من الهرب واضطروا إلى اللجوء إلى استراليا.

ويمكن القول بوجه عام: أن حادثة تيمور قد قدمت درسا وعبرة للأمم الواقعة تحت الاستعمار كتركستان الشرقية. ويقلق ازدياد المشاعر القومية بين المستوطنين الصينيين والأهالي وتحول المناطق القومية كتركستان الشرقية والتبت بشكل تدريجي إلى معسكرات أساسية للحزب الشيوعي الصيني كل ذلك يقلق بشدة جماعات المعارضة الديمقراطية الصينية في الخارج والتي تكافح من أجل الإطاحة بالنظام الشيوعي وتأسيس جمهورية ديمقراطية في الصين في المستقبل.

وإذا قمنا بإجراء مقارنة بين الديمقراطيين الصينيين في الخارج وبين المستوطنين الصينيين نجد أن الفرق شاسع في الرؤية الشخصية والنظر إلى العالم بين كلا الطرفين الصينيين. ولا يعتبر المستوطنون الصينيون أنفسهم في تركستان الشرقية مواطنين مدنيين بل يعتبرون أنفسهم جزء من النظام حيث يبادرون إلى الاشتراك بشكل فعال في الممارسات القمعية التي يقوم بها النظام الشيوعي الصيني ضد شعب تركستان الشرقية،

ولذلك يشعر الشعب التركستاني الشرقي بالاشمئزاز من المستوطنين الصينيين بمثل ما يشعر بالاشمئزاز من السلطات الصينية، لأنه ومنذ بداية التسعينات انتشر بين الصينيين أحاديث "بأن النظام الشيوعي لم يبق إلا في سنجيانغ" وقد بحث وانغ جشينغ, ووخوندا, ينغزاقي وقيمو وهم من زعماء المعارضة الديمقراطية الصينية في الخارج أثناء لقاءاتهم بالمسؤولين في بعض المنظمات التركستانية هذه القضية مرارا وتكرارا وأكدوا على وجوب البحث من الآن عن حلول لهذه القضية الخطيرة.

وقد التقي وانغ جيشنغ هذا العام بالمسؤولين في المجلس العالمي للشباب الايغوري أثناء انعقاد المؤتمر السنوي للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف، ودار خلال اللقاء الذي دام ما يقرب من ساعة بحث تطورات مشاعر العداء والاضطرابات القومية في تركستان الشرقية وسبل حلها بشكل كامل. واستمع الوفد الصيني برئاسة وانغ جيشنغ باهتمام إلى آراء المسؤولين الايغور الذين قدموا لهم خلاصة وجيزة للعوامل والأسباب التي أدت إلى هذه العداوة والاضطرابات كما يلي:

1.الازدياد المستمر في عدد المستوطنين الصينيين  

كان عدد الصينيين الموجودين في تركستان الشرقية قبل استيلاء الشيوعيين عليها في عام 1949 لا يتعدى 400000 ألف نسمة. واليوم وحسب الإحصائيات الرسمية الصينية يبلغ عددهم 7 ملايين نسمة، وتسبب الازدياد المستمر في أعداد المستوطنين في ثقل هموم السكان المحليين من الناحية الاقتصادية ويتعرضون بشكل دائم لمضايقات المستوطنين في ميادين الزراعة, السكن, العمل, التجارة والصناعة وغيرها

وعلى سبيل المثال: رغم أن السلطات الصينية تعلن دائما أن تركستان الشرقية بلد أراضيه واسعة وثرواته عظيمة إلا أن المساحة الزراعية التي أعطيت للفلاح الايغوري لا تبلغ فدانا واحدا في مناطق مثل آتوش, كاشغر وخوتان في تركستان الشرقية، وعلى العكس من ذلك وبسبب كثافة الأراضي الزراعية في تركستان الشرقية تقوم السلطات بنقل المزيد من المستوطنين من الصين للعمل في الإنتاج الزراعي .

وبالإضافة إلى ذلك يثير ازدياد الفوارق الكبيرة بين السكان المحليين والمستوطنين في جوانب شتي مثل تفشي البطالة, أجرة العمل, مستوى المعيشة, الامتيازات المادية وغيرها من العوامل مشاعر العداء والبغض من قبل الايغور ضد المستوطنين.

2. أحلام المستوطنين بالصين الكبرى

ونتيجة للدعايات الواسعة للنظام الشيوعي الصيني تزداد أحلام المستوطنين بالصين الكبرى ولذلك يعاملون أهالي تركستان على أنهم صنف من الدرجة الثانية، وقد أصبحت ظاهرة انتهاك المستوطنين للأعراف والتقاليد الايغورية واحتقارهم في شتي الميادين و ظلمهم ظاهرة عامة في تركستان الشرقية. وهذه التجاوزات تقوى أيضا مشاعر العداء التي يكنها الأهالي ضد المستوطنين.

3. قمع المستوطنين للسكان المحليين

وبسبب الدعايات الاستعراضية للنظام الشيوعي الصيني لا يعتبر المستوطنون أنفسهم مواطنين عاديين بل يعتبرون أنفسهم حكاما من واجبهم مراقبة السكان المحليين، ولذلك عندما يقوم الأهالي بحركة احتجاج ضد ممارسات السلطات الشيوعية يبادر المستوطنون إلى حمل السلاح والاشتراك الفعال جنبا إلى جنب مع قوات الأمن الصينية في القمع الدموي لمثل هذه الحركات الاحتجاجية التي يقوم بها الأهالي العزل الذين ليست في أيديهم قطعة حديد ناهيك عن السلاح.وكذلك يشترك المستوطنون في عمليات الاعتقال الجماعية ضد الايغور.

وعلى سبيل المثال: لعب المستوطنون دورا مهما في قمع "ثورة بارين عام 1990" و"حادثة 7 يوليو 1995 في خوتان" و"ثورة غولجا عام 1997". وفي قمع ثورة بارين اشترك جنود الكتيبة الخامسة من جيش الإنتاج والبناء والمستوطنون في مناطق كاشغر، وفي قمع ثورة غولجا اشترك جنود الكتيبة الرابعة من جيش الإنتاج والبناء بشكل مباشر وقاموا بعد قمع الثورة باستعراض للقوة في 8 / 2 / 1997 بمدينة غولجا وذلك لإرهاب الايغور، وتعتبر هذه الحوادث إحدى العوامل الأساسية في اشتداد التوتر والاضطرابات في تركستان الشرقية.

وبالطبع تساهم سياسة الكيل بمكيالين التي تطبقها السلطات الشيوعية في معاملة كل من السكان المحليين والمستوطنين سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية التعليمية أو القانونية وغيرها في اشتداد التوتر القائم أصلا بين الطرفين.

وقد أكد وانغ جيشينغ زعيم المعارضة الديمقراطية الصينية أثناء لقائه بالوفد الايغورى في جنيف هذا العام على مشاركته لآراء المسؤلين الايغور بشأن المستوطنين واعتبارهم إحدى العوامل الأساسية في ازدياد التوتر في تركستان الشرقية، وحمل وانغ جيشنغ النظام الشيوعي المسؤولية كاملة عن ذلك،

كما أكد وانغ في حديثه أن جماعات المعارضة الديمقراطية الصينية تراقب عن كثب التطورات السياسية في المناطق القومية مثل تركستان الشرقية والتبت وتعمل جاهدا بعد الآن من أجل تقوية حركات الديمقراطية في هذه المناطق.

وقد كان وصفه للحركات الثورية في تركستان الشرقية إيجابيا نسبيا، حيث أعلن وانغ في لقاءاته بالمسؤلين الايغور في عام 1999 في ألمانيا وهذا العام في جنيف "أنه مع الأسف الشديد انقسمت حركات المعارضة ضد النظام الشيوعي في المناطق القومية كتركستان الشرقية إلى قسمين: القسم الأول: حركات النشاطات القومية لاستعادة حق تقرير المصير الذي يقوم بها السكان المحليون, والقسم الثاني : الحركة الديمقراطية التي يقوم بها الصينيون المقيمون في تلك المناطق القومية من أجل الحصول على الحرية والحقوق الإنسانية، ولكن وبسبب الدعاية المضلة للنظام في تلك المناطق يسود التوتر الشديد دائما بين الأهالي والصينيين، وأرى أن هناك فرقا كبيرا بين الحركتين، ولذلك نحن نسعى إلى إزالة هذا التوتر القائم بينهم والتنسيق والتعاون بين الطرفين في عمليات الكفاح ضد النظام.

ونستطيع أن نرى من تصريحات وانغ أن حركات المعارضة الصينية بدأت تشعر بالحاجة إلى عزل المستوطنين الصينيين في المناطق القومية  عن النظام الشيوعي في كفاحها من أجل الديمقراطية.

كما اتصف موقف وانغ من الحركات الوطنية الايغورية والكفاح التي تقوم بها بالواقعية حيث قال: " إن كل قومية اختارت وسائل كفاحها وفقا لوضعها. ولذلك فان حركات النضال المسلحة  التي تقوم بها الجماعات القومية في تركستان الشرقية عمل مشروع لتقرير مصيرهم بأنفسهم، ومثل هذه الحركات موجودة أيضا في داخل الصين، وآمل أن تتعاون كافة القوميات في كفاحها المشروع ضد النظام الشيوعي، وحق تقرير المصير إحدى الحقوق الأساسية لكافة القوميات. وإذا تغير الوضع وحل الديمقراطية في الصين سوف يحق لكافة القوميات أن تقرر مصيرها بنفسها،وتلك إحدى المبادئ الأساسية لحركات المعارضة الديمقراطية الصينية"

وعلى الرغم من تصريحات زعماء المعارضة الديمقراطية الصينية هذه إلا أنه ليست هناك خطوة عملية قام بها الديمقراطيون الصينيون من أجل احتواء التوتر بين المستوطنين الصينيين وبين أهالي كل من تركستان الشرقية والتبت وذلك عن طريق التوعية الديمقراطية للمستوطنين في مناطق قومية مثل تركستان الشرقية والتبت،

 وكان ينبغي على الديمقراطيين الصينيين أن يعدوا برنامجا خاصا للتوعية الديمقراطية للمستوطنين الصينيين والدعاية المنتظمة للديمقراطية على أساس النظام العالمي لحقوق الإنسان، كما كان ينبغي عليهم أن ينبهوا المستوطنين على أن لا يتوارثوا الدعاية الفاشية الشيوعية ولا يصبحوا ضحايا لسياسة الاستيطان التي تمارسها السلطات الشيوعية وان يحترموا التقاليد والعادات القومية للسكان المحليين ، وكذلك كان ينبغي على الديمقراطيين الصينيين أن يحذروا المستوطنين من مغبة الوقوف إلى جانب السلطات في انتهاك الحقوق الإنسانية للأهالي.

وكما نعلم جميعا ورغم ازدياد قوة الحركات الديمقراطية بشكل مستمر في الصين إلا أنه لا يوجد أي نفوذ أو تأثير للحركات الديمقراطية الصينية بين المستوطنين الصينيين في المناطق القومية كتركستان الشرقية والتبت، وعلى العكس من ذلك تزداد الأفكار الفاشية والشيوعية في الانتشار بين المستوطنين في المناطق القومية حيث أصبحت هذه المناطق معسكرات أساسية للشيوعية، وهذا الوضع يشكل خطرا سريا كبيرا على الحركة الديمقراطية الصينية، وإذا لم يقم الديمقراطيون الصينيون من الآن فصاعدا بدعاية منتظمة للديمقراطية بين المستوطنين في تلك المناطق لا يستبعد في المستقبل وعندما تتأسس الديمقراطية في الصين اندلاع حروب داخلية بين الأهالي و المستوطنين في مناطق كتركستان الشرقية والتبت قد تشكل تهديدا للسلام العالمي.

وقد شعرت المنظمات والجماعات الايغورية في الخارج بهذا الخطر منذ زمن بعيد ولذلك قامت باتخاذ خطوات إيجابية بهذا الشأن، وعلى الرغم من عدم موافقة شعبنا عامة من الناحية الوطنية فقد أدرجت كافة المنظمات الايغورية في أنظمتها الأساسية على مايلى: "إن عدو الشعب الايغورى ليس الصينيين عموما بل عدوهم الوحيد هو سلطات الاحتلال الشيوعية الصينية ولذلك يتم التعاون مع كافة الجهات الديمقراطية الصينية التي تحترم حق شعب تركستان الشرقية في تقرير مصيره بنفسه.

وقد لعبت التصريحات الإيجابية التي أعلنها زعماء المعارضة الديمقراطية الصينية بعد حلول التسعينات بشأن احترامهم لحق تقرير المصير لكل من شعب تركستان الشرقية والتبت دور مهما في ذلك التوجه الجديد من الطرف الايغورى، ويقول بعض الشخصيات الايغورية التي تقوم بممارسة نشاطاته في الخارج "أن سلطات الاحتلال الصينية طبقت علينا طوال العقود الماضية سياسة "فرق تسود" وقد حان الأوان لنطبق نفس السياسة عليهم، ولنحذر من اتخاذ الصينيين جميعا والبالغ عددهم مليار وثلاثمائة مليون نسمة أعداء لنا ونفرق في المعاملة بين السلطة والشعب ,أعوان السلطة والمواطنين الصينيين العاديين والديمقراطيين الذين يشاطروننا الرأي وأعوان السلطة الذين يقومون بممارسات قمعية ضد الايغور، كما أن المنظمات الايغورية السرية في الوطن تسعى إلى تعميق هذه الأفكار بين أبناء شعبنا، ولو قامت المنظمات الايغورية في الداخل كما يروج النظام الشيوعي الصيني باتخاذ الصينيين جميعا أهدافا في العمليات التي تقوم بها لتم قتل الآلاف من المستوطنين يوميا في تركستان الشرقية، وفي الواقع فان السلطات الصينية ومن أجل تحويل المستوطنين الصينيين في تركستان الشرقية إلى قوة احتياطية لها تقوم بالدعاية المضلة لشأن وأهداف الحركات الوطنية وذلك برفع شأن من يلقي من الصينيين مصرعه أثناء بعض الاشتباكات والاضطرابات القومية في تركستان الشرقية والتحريض على العداوة بين المستوطنين والسكان المحليين.

وإذا ضربنا مثالا على ذلك بثورة غولجا عام 1997 فقد استشهد أثناءها أكثر من مائة ايغورى بريء وتستمر السلطات حتى الآن في المحاكمات وإصدار أحكام الإعدام بحق الايغور، ولم تذكر السلطات الصينية ولو مرة في بياناتها الداخلية أو الخارجية شيئا بشأن الايغور الأبرياء الذين لقوا حتفهم أثناء ثورة غولجا حيث أنه على عكس ذلك تماما قامت بخداع المواطنين الصينيين والرأي العالمي بالإدعاء بأن المئات من المواطنين الصينيين قتلوا بوحشية من قبل القوى القومية الانفصالية رغم أنه في الواقع يزيد عدد القتلى الايغور أثناء حادثة غولجا عن عدد القتلى الصينيين بعشرات الأضعاف، وعلى سبيل المثال: في كتاب "تاريخ كفاح سنجيانغ ضد القوى الانفصالية القومية" الذي نشر العام الماضي من قبل مكتب الدراسات الأكاديمية التابعة للحزب الشيوعي في اقليم سنجيانغ ذات الحكم الذاتي ووزع سرا داخل الحكومة المحلية قدر عدد الصينيين الذين قتلوا أثناء ثورة غولجا بسبعة أشغاص في حين قدرت وسائل الإعلام العالمية عدد القتلى الايغور في هذه الحادثة حوالي 400 شخص.

وحسب ما ذكره ايغورى لجأ إلى ألمانيا قبل فترة ويدعى عبد الشكور فقد أصبحت الآن حوادث العنف الجماعية  التي ينفذها المستوطنون والجنود معا ضد الايغوريين بتحريض من السلطات في ظلمات الليالي في منطقة غولجا ظاهرة عامة حيث أنه وبدلا من التحقيق أو القبض على المسؤولين عن مثل هذه الحوادث تقوم السلطات الصينية بالتحقيق أو إلقاء القبض على الايغور الذين دافعوا عن أنفسهم وذلك بتهمة "الانفصالية".

وخلاصة القول: أصبح المستوطنون الصينيون في الوقت الحاضر مصدرا لجميع القلاقل والاضطرابات التي تجرى في تركستان الشرقية، وتبعا لازدياد عدد المستوطنين في تركستان الشرقية تتسارع خطوات سياسة تصيين السكان المحليين بشكل دائم، ويشكل هؤلاء المستوطنون خطرا كبيرا في المستقبل على الأمن في منطقة آسيا الوسطى ومن ضمنها تركستان الشرقية.

ولهذا تحس كل من القوى الديمقراطية الصينية وقوى المقاومة الوطنية التركستانية الشرقية بضرورة النظر بجدية لايجاد حل لقضية الاستيطان الصينية، وبالطبع تثير أيضا قضية الاستيطان الصينية في تركستان الشرقية منذ سنوات قلق الرأي العالمي بشدة.  

 مركز تركستان الشرقية للمعلومات

06/06 / 2001 م

 

© ETIC  26/04/2003 14:12  Published By A. Karakash