بلغت
الحملة التي بدأتها السلطات الصينية ضد
الساحة الإيديولوجية في مطلع العام
الحالي تحت اسم "تطهير الساحة
الإيديولوجية من الانفصالية القومية
والتطرف الديني" ذروتها حيث يتم حاليا
تعقب ومراقبة وسائل الإعلام من التلفاز
والإذاعة والمنابر الأدبية والثقافية
والفنية رغم أنها تملكها الدولة
الصينية. ولا توجد في تلك الساحات وسائل
مستقلة غير مملوكة للدولة. والشعب
الايغوري مضطر إلى طرح معاناته عبر تلك
الوسائل، ولكن وعلى الرغم من ذلك فان
السلطات تنوى القضاء أيضا على تلك
النافذة الصغيرة لهم . وقد أصبحت
تركستان الشرقية اليوم أرضا انغرقت في
ظلام دامس حيث يعيش أصحابها الأيغور
محرومين من كافة حقوقهم السياسية
والفكرية والاقتصادية والعسكرية.
وفور بدء الحملة الجديدة اشتكت السلطات
الصينية من وسائل الإعلام والثقافة
والفن التي تملكها من أنها أصبحت أبواقا
للدعاية للانفصالية القومية وأنها سوف
تتخذ الإجراءات الضرورية لمنع ذلك.
فقد جاء في خطاب لوانغ لوجينغ سكرتير
الحزب الشيوعي الصيني في تركستان
الشرقية أمام "مؤتمر لإعادة التربية ضد
الانفصالية" والذي عقد في اورومجي في
31يناير /كانون الثاني الماضي بالنص ما
يلي:
"قام الانفصاليون خلال السنوات الأخيرة
بالتوغل إلى الساحة الإيديولوجية حيث
روجوا أفكارهم الانفصالية من خلال
استغلال وسائل الثقافة والأدب، كما
روجوا لأفكارهم الانفصالية عن طريق
استغلال المجلات والكتب حيث قاموا بطبع
ونشر مجلات وكتب تدعو إلى الانفصالية
بصورة غير قانونية . والانفصاليون في
الخارج يقومون بالتنسيق مع الغرب
باستغلال وسائل الاتصالات الحديثة وعلى
رأسها الإنترنت والإذاعة للدعاية
لإيديولوجية قومية وأفكار انفصالية.
والنقطة الرئيسية في أولويات
الانفصاليين تأتي الساحة التربوية.
والآن وتبعا للمتغيرات الأخيرة على
الساحة الدولية تشتد الحاجة إلى الكفاح
ضد الانفصالية . ولذلك يجب الاهتمام
بالكفاح ضد الانفصالية في الساحة
الإيديولوجية، كما يجب أن نعي أنه رغم
نجاح حكومتنا في توجيه ضربات قاصمة إلى
الانفصاليين فان الكفاح ضد الانفصالية
على الساحة الإيديولوجية عسيرة جدا".
هل الواقع يصدق مزاعم وانغ؟ في الواقع
فإن الهدف الرئيسي والأخير للسلطات
الصينية هو القضاء نهائيا على شعب
تركستان الشرقية وذلك عن طريق كتم صوته
وتضييق الخناق على ثقافته وتقاليده
الخاصة.
فعلى سبيل المثال: اتهمت السلطات ثلاثة
من أعظم كتب الشاعر والكاتب الأيغوري
المعروف ترغون ألماس بأنها تحمل أفكارا
انفصالية. كما أصدرت السلطات أوامر
وقرارات بإخراج كتب ترغون الماس من
المناهج الدراسية للمدارس الثانوية
وإحلال الكتب الإلحادية التي تحمل أفكار
الحزب الشيوعي الصيني محلها. وأيضا قامت
وبلا أدني استحياء بتزوير التاريخ
وحرمان الأجيال من حق معرفة تاريخه
وحضارته. كما قامت بالاستهزاء بديننا
الحنيف وذلك تحت شعار تفسير عصري للقرآن
الكريم وكتابة ما يسمى "تفسير اشتراكي
للقرآن الكريم". ومنعت الموظفين
الحكوميين من ممارسة شعائرهم الدينية
تحت تهديد أن من يمارس طقوسا دينية سوف
يتم طرده من عمله.
والمضحك أن إدارة البرق والبريد والهاتف
في اورومجي قد اشتكت من أن أجهزة
الكمبيوتر قد امتلأت بالمعلومات المضللة
من الخارج وتتسرب أسرار الدولة إلى
الخارج حيث قطعت خطوط الإنترنت في منطقة
اورومجي مما أثر على العمليات التجارية
والاستثمار في المنطقة. والمرء لا
يستطيع أن يمر دون التفكير بأنه إذا جرت
تلك العملية في منطقة في داخل الصين ترى
ما ذا سيكون رد فعل السلطات؟ والسلطات
الصينية المشهورة بدهائها ومكرها تقوم
بلا أدنى خجل بالادعاء بان "الأيغور
إرهابيون" كما وصفت الجماعات السياسية
الأيغورية بعصابات القلم حيث تحاول الآن
القضاء على تراثنا الأدبي.
فعلى سبيل المثال: "قال اسماعيل تلوالدي
مساعد سكرتير الحزب الشيوعي في تركستان
الشرقية في اجتماع حول "إعادة التربية
الإيديولوجية" والذي عقد في الأول من
شهر يناير كانون الثاني الماضي ما يلي:
"كفاح حكومتنا ضد الانفصالية جرت منذ
الأزل في الساحتين السياسية والأدبية
حيث لم ينقطع الكفاح ضد الانفصالية في
الساحة الايديولوجية في أي زمن.
والانفصاليون في الدخل والخارج يقومون
بالدعاية لأفكارهم الانفصالية عبر وسائل
الصحافة والفن والثقافة ويحاولون الحصول
على دعم جماهير الشعب الأيغوري ولذلك
ينبغي الاستمرار في شن حملة منظمة
ضدهم".
وواضح من ذلك أن السلطات الصينية في
تركستان الشرقية تمارس إرهاب الدولة ضد
الأيغور حيث أن شعب تركستان الشرقية
ضحية طبيعية لتلك الإرهاب الهمجي.
وينبغي أن يعلم شعبنا وكذلك الرأي العام
العالمي أن تاريخ وحضارة شعب تركستان
الشرقية والذي يمتد لعشرات الآلاف من
السنين لا يتعرض للإرهاب فقط بل إن حرية
التعبير عن آرائه يتعرض لمضايقات فاشية.
ونحن نعلن للعالم من هنا أننا ماضون في
كفاحنا من أجل الحرية والاستقلال حتى
آخر نقطة من دمائنا إذ أنه لم يبق لنا
خيار سوى الكفاح السياسي إذ أن الإرهاب
لم ينتصر ولا يمكن أن ينتصر في أي
مكان. والكفاح يشجع و يقوي إرادة شعب
تركستان الشرقية نحو الحرية والاستقلال.
|